الروايات

دار المدى، ٢٠١٠

في الجزء الثاني من هذه الثلاثية، يواصل عبد الجليل الغزال متاهته بعد نجاته من سجنه الصحراوي، و يزاول سرد حكايته لكلبه. يصل إلى مسقط رأسه وادي الدموع، حيث لا شيء في الوادي سوى الهجر. بقايا خرب و آنية و جذوع نخيل تذكر بيوم شتات أهله و رحيلهم إلى تلة سليمان، موطنه الثاني، مطارح الحب و الحكايات و المواسم و الغناء الرعوي. بقايا أشياء تذكر بحياة جفف ماءها و أباد شجرها و أحرق حظائرها حاكم جائر. لا شيء في الوادي سوى صدى للأيام التي كانت … و يمشي عبد الجليل، و يروي، ينجو من فخ و يقع في آخر، و في المرة هذه تختطفه عصابة تكفيرية تكلفه بعملية قتل مقابل الإفراج عنه. صحبة الطير: واقع على حافة العبث، رواية تكشف عن الحضيض البشري. صحبة الطير مرثية لعالم مليء بالقسوة و الجريمة، و نشيد عال في الحب و الحرية.‬


خربة النواح
١٩٩٨ دار الفرابي
٢٠٠٧ دار المدى

أضف إلى مكتبتك

يسمونها خربة النواح، أو صارت تدعى هكذا، هي قريتي التي ولدت فيها منذ تسعين عاماً قضيت منها ما يقارب الثمانين، بانتظار عودة والدي من الحرب. تقع خربة النواح في سفوح سلسلة شاهقة من الجبال التي طالما تراءت لي في سنواتي الأولى وبعد أمسيات التأمل في كينونتها، إنها أقيمت خصيصاً لتثبيت تلك القرية وتركيزها نهائياً، بعد أن زالت مراراً، بفعل اعتكار في مزاج الطبيعة، حسبما كانت تروي جدتي، أو بفعل الغزوات التي حصلت في أزمنة غابرة، حسبما روى خضر الدلب، في كتابه "سيرة الخيانة" ليبقى الماضي السحيق نتفاً من ذكريات كئيبة، تتوارثها الأجيال في تعاقبها، تضيف عليها أو تحذف منها ما يزيد من غرابتها وسحرها، فتتخذ على مرّ الأيام، حين يعاد سردها، منحى آخر، لتصبح سراً أو شيئاً غبشاً يتخيله المرء على هواه، أما الأحداث التي كانت تفلت من الذاكرة لشدة قدمها، فكانت، تذهب، لا محال، إلى النسيان. وليس من شيء مؤكداً.


١٩٨٨/٩٨ دار الفرابي
٢٠٠٧ دار المدى

نعاس أبدي ورائحة طيون. تفحصت جسدي. وجهي.
تفحصت كل شيء يكون جسداً آدمياً. تحركت. مارست عملية التنفس.
وأطلقت أصواتاً بدائية حتى أتاكد من الأفعال التي تدل على وجودي على سطح الأرض وليس تحتها.
٢٠٠٧ دار المدى
٢٠١٠ دار الساقي

عبد الجليل الغزال، الناجي الوحيد من السجن الصحراوي، يتوكأ على عكّازه و يجر جسده المعطوب تائها في الصحراء، ساعيا للوصول إلى قريته الأولى “وادي الدموع”. يرافقه كلب السجان الذي أصبح رفيقه وأليفه في هذا التيه. في لهيب الصحراء، لا يجد عبد الجليل غزال ملجأً غير الذكريات بكل نداوتها وثقلها و قسوتها: ذكريات السجن القريبة وحكايات السجناء والسجّانين، الهجرة القسرية من قريته الأولى، شغفه الأول، اختطافه من بيروت و وجه حبيبته هدى… بين السجن والحرية المفتوحة على العدم، والماضي بآلامه المبرحة، دائرة يحاول عبد الجليل الخروج منها عائداً إلى وجوده الإنساني.


١٩٩٨ دار الفرابي
٢٠٠٧ دار المدى

أعتقد أن انتحاري ليس حادثة استثنائية في حاضر المدينة، وربما لا يحدث أي ضجيج من النوع الذي يحدثه انتحار الحيتان على شواطئ البحار، أو احتمال انقراض سلالة من دببة القطب. قد تكون حادثة عابرة، وغير مؤسفة، وروتينية، سوف يتكوم فوق جسدي الميت بعض من كائنات الليل وربما يبول عليه بعض السكارى ساخرين من فعلتي التافهة. بعد ذلك سوف تأتي الشرطة وتتمم بعض الإجراءات الروتينية في التحقيق، سيتضح أن الحادثة ليست جريمة قتل، بعدها ستحملني عربة إسعاف إلى براد المستشفى، بانتظار أن يتعرف أحد على جسدي، سوف يأتي الكثير من أناسٍ فقدوا آخرين في ظروف غامضة، يلقون نظرة علي، سيتضح لهم بالتأكيد، أني رجلٌ غريب ولا أخصهم على الإطلاق، فالذين كانوا سبب وجودي في هذا العالم سبقوني منذ أعوام إلى العتمة والفراغ الكلي، ثم وبعد أيام سوف تنشر الصحف خبر انتحاري وسوف يتبين للرأي العام أن الجسد الميت مقطوع الجذور، وإني أقرب إلى مشاع عام. إنها مهزلة.. شيء سخيف للغاية. لا أحد. سأروي بعضاً مما شاهدت وأحسست قبل أن أسلم جسدي الهزيل لمشيئة الفراغ الأبدي.